بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في عصرنا تتعدد المنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بحقوق الطفل، وفي هذا الإطار تثور نقاشات واسعة في الدول الغربية عن وضع قانون يحرم على الآباء ضرب الأبناء، وقد وضع هذا القانون فعلاً في بريطانيا التي يُعاقب فيها الأب بالسجن إذا اعتدى على ابنه بالضرب، وفي بلادنا قاد المجلس العربي للطفولة المناقشات في الاتجاه إلى وضع مثل هذا القانون.
ومن المعلوم أنه في كل دول العالم، يُعاقَب على الإيذاء البدني للأطفال [ ] وإن كان من الأبوين، إذا بلغ هذا الإيذاء مبلغاً شاذاً يؤدي بالطفل إلى عاهات أو تشوهات، أو إصابات ظاهرة، وهذا العقاب لا يقع بحكم قانون خاص، ولكن الوالد المؤذي يؤخذ ببنود قانون العقوبات عموماً، وأحياناً ما نسمع عن آباء أُخذوا فعلاً بهذا القانون.
والجديد الآن هو أن القانون المُراد وضعه سيمنع الضرب مطلقاً، ويحظر على الأبوين عقاب الأبناء مهما كانت الأسباب والدوافع وراء هذا العقاب.
فهل نسير وراء الدول الغربية في إرساء مثل هذا القانون؟
وهل يتوافق ذلك مع الشريعة [ ] الإسلامية؟
وهل يحقق مصلحة اجتماعية؟
قيم الغرب الأنانية والقسوة على الأبناء:
تسود المجتمعات الغربية نزعة فردية تعظم الفرد وحرياته على حساب المجتمع، وتضعف سلطان الدين على الأفراد، وتجعل غاية الحياة اللذة والمتعة، فلا مراعاة لقيم سامية ولا لأهداف نبيلة إلا بقدر ما يراها الغربي محققة لأهوائه وشهواته، ولذلك يُعرض الغربيون عن الزواج [ ] حتى يتمتعوا بحرية مطلقة من كل قيد، ويعيشون عيشة لاهية لا مسؤوليات فيها، فإذا تزوج بعضهم فإنهم لا يميلون إلى التضحية من أجل الأبناء، ويقل صبرهم مع المشكلات الأسرية التي لا مفرَّ منها.
ومن هنا نرى ظواهر كثيرة تسيء للأطفال [ ] في المجتمعات الغربية، منها:
1. نصف الأسر تقريباً تتعرض للطلاق، ويضطر الطفل للعيش مع زوجة الأب، أو زوج الأم، مما يعرضه للقسوة والضرب في كثير من الأحيان.
2. كثرة أولاد النغول الذين تخلى عنهم آباؤهم وتبنَّاهم غيرهم، وكثرة المؤسسات التي أنشأتها الدولة لرعاية الأطفال [ ] الذين تخلى عنهم أهلوهم، وتعرضهم للقسوة تبعاً لذلك.
3. تقسو الأم على ابنها غير الشرعي ـ الذي لم ترغب في وجوده ـ قسوة هائلة.
4. انهماك المرأة [ ] في العمل المضني خارج البيت يضغط على أعصابها فتسيء لأبنائها.
5. كثرة الخادمات والمربيات، حيث تخرج المرأة [ ] للعمل بنسبة كبيرة تاركة ابنها بين يدي خادمة تعامله بقسوة.
ويعترف مفكرو الغرب بأن هناك أزمة في علاقة الآباء بالأبناء في بلدانهم، فالآباء لم يعودوا واثقين بحقوقهم على أبنائهم، والأبناء لم يعودوا شاعرين بأن عليهم واجب احترام والديهم، وفضيلة الطاعة التي لم يكن يعتريها الشك صارت وبحق موضة قديمة، وهكذا انقلبت سلطة الوالدية، فصارت هيَّابة قلقة محفوفة بالشكوك، وفقدت المسرات القديمة البسيطة(1).
الشريعة [ ] الإسلامية وعلاقة الآباء بالأبناء:
الشريعة [ ] الإسلامية ضد المذهب الفردي، الذي يقدس الفرد وحريته على حساب الجماعة ومصلحتها، وأحكام هذه الشريعة [ ] أقرب إلى المذهب الاجتماعي، إذ هي تراعي الصالح العالم، وتوفق بينه وبين حقوق الفرد، فهي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة ورفع الظلم [ ] والضرر.
ولا يصح أن يقدس القانون حرية الفرد إلى حد أن يضحي من أجلها بمصلحة الجماعة، ولا أن يجعل للطفل الصغير الذي لم يكتمل نموه سلطة توازي سلطة أبيه الذي خرج من صلبه وكفله ويتولاه بكل رعاية، بل الصحيح أن يوفق القانون بين الأفراد الذين تتشاكس إرادتهم وتتخالف مصالحهم، ويسرع القوي فيهم إلى حق هضم الضعيف، ونيله بالأذى والضرر.
ومن قيمنا الأصيلة التي أرستها الشريعة [ ] الإسلامية: عناية الآباء بالأبناء، ورعايتهم رعاية فائقة حتى إن كثيراً من الآباء يتخلى عن راحته، ويضحِّي بوقته وجهده وماله ليوفر لأبنائه المستقبل الزاهر السعيد، فالأب يكد ويسعى جاهداً ليوفر لأبنائه أسباب الثقافة والتعليم ما لم يتوافر له نفسه، ويجد في ذلك تعبيراً عن معاني الأبوة الصادقة، وواجباً دينياً نحو أبنائه، لقول النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته... الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة [ ] راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها...)(2).
ومن سمات الأسرة المسلمة احترام الصغير للكبير، وتوقير الأبناء لآبائهم وأمهاتهم لقول الله -تعالى-: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكُر لي ولوالديك إليَّ المصير)لقمان: 14، وقال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرنا ويرحم صغيرنا)(3)، ويمكن لمس أثر ذلك فيما يبديه الأبناء نحو آبائهم وأجدادهم من احترام وتقدير بالغ، ويبرز هذا الاحترام والتوقير حين تقعد الشيخوخة الآباء عن العمل، حيث يتعاون الأبناء عن رضى وطيب خاطر لإعالة الآباء والأجداد، وفاء لجميلهم، واعترافاً بفضلهم.
علاقة فطرية وليست تعاقدية:
ليس كل شيء في المجتمع يُحكم بالقاعدة القانونية، وإنما هناك أيضاً القواعد الأخلاقية، والقواعد الدينية، وقواعد العادات والمجاملات، ولكل منها مجالها، ومن يخرج على هذه القواعد يقابله المجتمع بالإنكار والاستهجان، وقد يتعرض للعذاب الأخروي· أما من يخالف القاعدة القانونية، فإن السلطة العامة توقع عليه الجزاء المادي الحسي المنصوص عليه، والعرف أحياناً أقوى من القانون، ويعد بديلاً له، لذلك فإن الشريعة [ ] الإسلامية تعتد في مصادر أحكامها بالأعراف الصحيحة، وتجعل المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً في إقراره ونفاذه.
والناس يتعاملون في أمور كثيرة، مكتفين بما بينهم من عرف، ولا يمكن أن يتسع قانون ليشمل كل دقائق الحياة، والعرف هو الذي يكمل نصوص القانون، وكل عرف في مجتمعنا إذا لم يخالف الشرع، فهو صحيح معتبر.
ومن هنا نؤكد على أن علاقة الأبوة والأمومة بالبنوّة هي علاقة فطرية طبيعية يؤكدها الشرع والعرف، وليست علاقة تعاقدية ينفذها سلطان القانون ويظللها ببنوده الصارمة، فالله -سبحانه- فرض على الأبناء الإحسان إلى الآباء كما في قوله -تعالى-: (وبالوالدين [ ] إحساناً)النساء: 63، كما فرض على الآباء الإحسان إلى الأبناء لقول النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كنَّ له ستراً من النار)(4).
ومن الخير أن تظل العلاقة بين الآباء والأبناء أخلاقية دينية وليست تعاقدية قانونية، لأن في هذا تأكيداً للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالعلاقة التعاقدية القانونية تفرض حقوقاً تقابلها واجبات، أما القاعدة الخلقية الشرعية فهي تفرض واجبات دون أن تقابلها حقوق، فالأب يعطي ابنه حقوقاً متتالية كالنفقة والتأديب والرعاية، دون أن ينتظر من الابن واجبات، اللهم إلا واجب الطاعة، والشرع هو الذي فرض على الابن طاعة أبيه، وأن يكون طوع يمينه، ملك له كالرقيق، وأن يكون ماله أيضاً ملك لأبيه، وذلك لعظم حق الأب عليه.
إن الولد كسب أبيه، لذلك قال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم- للابن الذي شكا تصرف أبيه في ماله: (أنت ومالك لأبيك)(5).
وقال عبد الله بن عمر: كان تحتي امرأة، وكنت أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيتُ، فأتى عمر النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: طلقها(6).
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأة، وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه)(7).
وقال النابغة:
مهلاً فداءً لك الأقوام كلهم * * * وما أثمر من مال ومن ولد
لمتابعة المقال أضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في عصرنا تتعدد المنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بحقوق الطفل، وفي هذا الإطار تثور نقاشات واسعة في الدول الغربية عن وضع قانون يحرم على الآباء ضرب الأبناء، وقد وضع هذا القانون فعلاً في بريطانيا التي يُعاقب فيها الأب بالسجن إذا اعتدى على ابنه بالضرب، وفي بلادنا قاد المجلس العربي للطفولة المناقشات في الاتجاه إلى وضع مثل هذا القانون.
ومن المعلوم أنه في كل دول العالم، يُعاقَب على الإيذاء البدني للأطفال [ ] وإن كان من الأبوين، إذا بلغ هذا الإيذاء مبلغاً شاذاً يؤدي بالطفل إلى عاهات أو تشوهات، أو إصابات ظاهرة، وهذا العقاب لا يقع بحكم قانون خاص، ولكن الوالد المؤذي يؤخذ ببنود قانون العقوبات عموماً، وأحياناً ما نسمع عن آباء أُخذوا فعلاً بهذا القانون.
والجديد الآن هو أن القانون المُراد وضعه سيمنع الضرب مطلقاً، ويحظر على الأبوين عقاب الأبناء مهما كانت الأسباب والدوافع وراء هذا العقاب.
فهل نسير وراء الدول الغربية في إرساء مثل هذا القانون؟
وهل يتوافق ذلك مع الشريعة [ ] الإسلامية؟
وهل يحقق مصلحة اجتماعية؟
قيم الغرب الأنانية والقسوة على الأبناء:
تسود المجتمعات الغربية نزعة فردية تعظم الفرد وحرياته على حساب المجتمع، وتضعف سلطان الدين على الأفراد، وتجعل غاية الحياة اللذة والمتعة، فلا مراعاة لقيم سامية ولا لأهداف نبيلة إلا بقدر ما يراها الغربي محققة لأهوائه وشهواته، ولذلك يُعرض الغربيون عن الزواج [ ] حتى يتمتعوا بحرية مطلقة من كل قيد، ويعيشون عيشة لاهية لا مسؤوليات فيها، فإذا تزوج بعضهم فإنهم لا يميلون إلى التضحية من أجل الأبناء، ويقل صبرهم مع المشكلات الأسرية التي لا مفرَّ منها.
ومن هنا نرى ظواهر كثيرة تسيء للأطفال [ ] في المجتمعات الغربية، منها:
1. نصف الأسر تقريباً تتعرض للطلاق، ويضطر الطفل للعيش مع زوجة الأب، أو زوج الأم، مما يعرضه للقسوة والضرب في كثير من الأحيان.
2. كثرة أولاد النغول الذين تخلى عنهم آباؤهم وتبنَّاهم غيرهم، وكثرة المؤسسات التي أنشأتها الدولة لرعاية الأطفال [ ] الذين تخلى عنهم أهلوهم، وتعرضهم للقسوة تبعاً لذلك.
3. تقسو الأم على ابنها غير الشرعي ـ الذي لم ترغب في وجوده ـ قسوة هائلة.
4. انهماك المرأة [ ] في العمل المضني خارج البيت يضغط على أعصابها فتسيء لأبنائها.
5. كثرة الخادمات والمربيات، حيث تخرج المرأة [ ] للعمل بنسبة كبيرة تاركة ابنها بين يدي خادمة تعامله بقسوة.
ويعترف مفكرو الغرب بأن هناك أزمة في علاقة الآباء بالأبناء في بلدانهم، فالآباء لم يعودوا واثقين بحقوقهم على أبنائهم، والأبناء لم يعودوا شاعرين بأن عليهم واجب احترام والديهم، وفضيلة الطاعة التي لم يكن يعتريها الشك صارت وبحق موضة قديمة، وهكذا انقلبت سلطة الوالدية، فصارت هيَّابة قلقة محفوفة بالشكوك، وفقدت المسرات القديمة البسيطة(1).
الشريعة [ ] الإسلامية وعلاقة الآباء بالأبناء:
الشريعة [ ] الإسلامية ضد المذهب الفردي، الذي يقدس الفرد وحريته على حساب الجماعة ومصلحتها، وأحكام هذه الشريعة [ ] أقرب إلى المذهب الاجتماعي، إذ هي تراعي الصالح العالم، وتوفق بينه وبين حقوق الفرد، فهي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة ورفع الظلم [ ] والضرر.
ولا يصح أن يقدس القانون حرية الفرد إلى حد أن يضحي من أجلها بمصلحة الجماعة، ولا أن يجعل للطفل الصغير الذي لم يكتمل نموه سلطة توازي سلطة أبيه الذي خرج من صلبه وكفله ويتولاه بكل رعاية، بل الصحيح أن يوفق القانون بين الأفراد الذين تتشاكس إرادتهم وتتخالف مصالحهم، ويسرع القوي فيهم إلى حق هضم الضعيف، ونيله بالأذى والضرر.
ومن قيمنا الأصيلة التي أرستها الشريعة [ ] الإسلامية: عناية الآباء بالأبناء، ورعايتهم رعاية فائقة حتى إن كثيراً من الآباء يتخلى عن راحته، ويضحِّي بوقته وجهده وماله ليوفر لأبنائه المستقبل الزاهر السعيد، فالأب يكد ويسعى جاهداً ليوفر لأبنائه أسباب الثقافة والتعليم ما لم يتوافر له نفسه، ويجد في ذلك تعبيراً عن معاني الأبوة الصادقة، وواجباً دينياً نحو أبنائه، لقول النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته... الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة [ ] راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها...)(2).
ومن سمات الأسرة المسلمة احترام الصغير للكبير، وتوقير الأبناء لآبائهم وأمهاتهم لقول الله -تعالى-: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكُر لي ولوالديك إليَّ المصير)لقمان: 14، وقال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرنا ويرحم صغيرنا)(3)، ويمكن لمس أثر ذلك فيما يبديه الأبناء نحو آبائهم وأجدادهم من احترام وتقدير بالغ، ويبرز هذا الاحترام والتوقير حين تقعد الشيخوخة الآباء عن العمل، حيث يتعاون الأبناء عن رضى وطيب خاطر لإعالة الآباء والأجداد، وفاء لجميلهم، واعترافاً بفضلهم.
علاقة فطرية وليست تعاقدية:
ليس كل شيء في المجتمع يُحكم بالقاعدة القانونية، وإنما هناك أيضاً القواعد الأخلاقية، والقواعد الدينية، وقواعد العادات والمجاملات، ولكل منها مجالها، ومن يخرج على هذه القواعد يقابله المجتمع بالإنكار والاستهجان، وقد يتعرض للعذاب الأخروي· أما من يخالف القاعدة القانونية، فإن السلطة العامة توقع عليه الجزاء المادي الحسي المنصوص عليه، والعرف أحياناً أقوى من القانون، ويعد بديلاً له، لذلك فإن الشريعة [ ] الإسلامية تعتد في مصادر أحكامها بالأعراف الصحيحة، وتجعل المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً في إقراره ونفاذه.
والناس يتعاملون في أمور كثيرة، مكتفين بما بينهم من عرف، ولا يمكن أن يتسع قانون ليشمل كل دقائق الحياة، والعرف هو الذي يكمل نصوص القانون، وكل عرف في مجتمعنا إذا لم يخالف الشرع، فهو صحيح معتبر.
ومن هنا نؤكد على أن علاقة الأبوة والأمومة بالبنوّة هي علاقة فطرية طبيعية يؤكدها الشرع والعرف، وليست علاقة تعاقدية ينفذها سلطان القانون ويظللها ببنوده الصارمة، فالله -سبحانه- فرض على الأبناء الإحسان إلى الآباء كما في قوله -تعالى-: (وبالوالدين [ ] إحساناً)النساء: 63، كما فرض على الآباء الإحسان إلى الأبناء لقول النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كنَّ له ستراً من النار)(4).
ومن الخير أن تظل العلاقة بين الآباء والأبناء أخلاقية دينية وليست تعاقدية قانونية، لأن في هذا تأكيداً للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالعلاقة التعاقدية القانونية تفرض حقوقاً تقابلها واجبات، أما القاعدة الخلقية الشرعية فهي تفرض واجبات دون أن تقابلها حقوق، فالأب يعطي ابنه حقوقاً متتالية كالنفقة والتأديب والرعاية، دون أن ينتظر من الابن واجبات، اللهم إلا واجب الطاعة، والشرع هو الذي فرض على الابن طاعة أبيه، وأن يكون طوع يمينه، ملك له كالرقيق، وأن يكون ماله أيضاً ملك لأبيه، وذلك لعظم حق الأب عليه.
إن الولد كسب أبيه، لذلك قال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم- للابن الذي شكا تصرف أبيه في ماله: (أنت ومالك لأبيك)(5).
وقال عبد الله بن عمر: كان تحتي امرأة، وكنت أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيتُ، فأتى عمر النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم-: طلقها(6).
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأة، وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه)(7).
وقال النابغة:
مهلاً فداءً لك الأقوام كلهم * * * وما أثمر من مال ومن ولد
لمتابعة المقال أضغط هنا
الموضوع الأساسي: هل نجعل قانونا يعاقب الآباء على ضرب الأبناء؟
المصدر: منتديات عروس
via منتديات عروس http://ift.tt/1zGWbyF
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire